السياسة مفهوم قديم و ليس حديث العهد، إذ تجلت ملامح الخوض فيه مع الخطاب الفلسفي الإغريقي، من خلال سعيهم إلى تأسيس المدينة الفاضلة (أفلاطون). و قد ظهر المفهوم بشكل كبير مع التحولات التي شهدتها أوروبا الحديثة و بالذات في الفكر الأنواري، حيث تمت إعادة صياغة و تأصيل المفهوم من طرف فلاسفة العقد الاجتماعي.
تتحدد الدولة باعتبارها مجموع المؤسسات التي تنظم حياة مجتمع معين في مجال ترابي محدد، بحيث تمثل جهازا يشرف على مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والعسكرية والإدارية. ومن ثم فوجود الدولة يبدو رهينا بتوفر شروط أساسية (السكان - الأرض..)، وخاصة منها استمرارية أو دوام السلطة الذي يضفي على الدولة صفة الشخصية المعنوية الثابتة من جهة، واهتمام الدولة بالشأن العام من جهة ثانية، وذلك بشكل يجعل منها سلطة لا يستفيد منها من يملكها بل تكون موجهة نحو خدمة مصالح المجتمع بشكل عام...
المحور الأول : مشروعيـة الـدولـة وغاياتــها
من المؤكد أن كل دولة تحتاج إلى تبرير وجودها وممارستها للسلطة، وتسعى من ثم إلى تأكيد مشروعيتها بالإستناد إلى دعائم سلالية أو دينية أو اجتماعية...فما الذي يمنح للدولة مشروعية وجودها؟ وما هي الغايات التي تروم تحقيقها؟.
1/موقف جون لوك:
يحدد لوك الدولة بانها جماعة من الناس غايتها الحفاظ على الخيرات المدنية وتنميتها. ويقصد بالخيرات المدنية الحياة والحرية وسلامة البدن وامتلاك الخيرات الخارجية(الأرض، النقود، المنقولات...). لذلك يؤكد انه من واجب الحاكم المدني ان يعمل على تأمين المحافظة على هذه الخيرات لصالح أفراد الشعب، بناء على قوانين يخضع لها الجميع بالتساوي. ومن ثم يكون من الضروري ممارسة القمع على كل من ينتهك قوانين الحياة المدنية، وذلك عن طريق تخويفه من العقاب المتمثل في حرمانه من كل أو بعض الخيرات. يقول لوك: "إن الحاكم المدني مسلح بقوة مكونة من القوة المجتمعية لكل الأفراد، من اجل معاقبة من ينتهكون حق الغير". وهذا يعني أن الحاكم المدني مفوض من طرف جميع مواطني الدولة لحماية أمنهم وممتلكاتهم، وزجر كل من تسول له نفسه المس بسلامة حياتهم.
وعل ضوء هذا التصور يظهر أن لوك يقيم مشروعية الدولة على أساس التعاقد، أي اتفاق الناس على تكوين جماعة واحدة تمثل هيئة واحدة، وهذه الهيئة تلتزم بقرار القوة الغالبة أو موافقة الأكثرية، وتتوخى حماية الخيرات لمدني وتنميتها.
2/موقف اسبينوزا:
بموازاة مع موقف جون لوك، ينفي اسبينوزا أن تكون غاية الدولة إرهاب الناس والتسلط عليهم أو إخضاعهم للآخرين. فهو يؤكد أن غاية الدولة تتمثل في تحرير الفرد من الخوف ليعيش في أمان، بحيث يستطيع التمتع بحقه الطبيعي في الحياة والعمل دون إلحاق الضرر بالغير.إذ أن الدولة تتوخى إتاحة الفرصة للأفراد كي تنجز أجسادهم وظائفها في أمان تام، فيكون بمستطاعهم أن يستعملوا عقولهم بحرية، مع ضرورة التخلي عن القيم السلبية كالحقد والخداع والظلم. وبهذا تكون الغاية الحقيقية للدولة هي ضمان الحرية، لا الحرية المنفلتة من كل قيد، وإنما الحرية المحكومة بمبادئ العقل. فإذا تُرك الناس أحرارا ليسلك كل واحد كما يشاء، فإن مصالحهم ستتصادم وينشب بينهم الصراع، ما دامت أحكامهم مختلفة متضاربة. لذلك فإن تأسيس الدولة يقتضي أن يتنازل الفرد لمن يحكم عن حقه في أن يسلك كما يشاء، وليس عن حقه في التفكير والحكم. فله أن يفكر ويصدر الأحكام بحرية تامة إذا اعتمد على العقل، لا الخداع أو الغضب أو الحقد أو الإخلال بالنظام. ويشكل هذا التنازل شرط السلام إلى حد أن اسبينوزا اعتبر أن الفرد الذي يتصرف كما يشاء دون مراعاة لقوانين الدولة، يعد مصدر ضرر بالنسبة للسلطة العليا، على حين أن المواطن الصالح هو من لا يعارض قوانين الدولة اعتمادا على العنف، وإنما على العقل.
خلاصةكخلاصة، يتبين أن الدولة قد تستمد مبرر وجودها من الطبيعة الإنسانية التي تجنح بالأفراد إلى الإجتماع بغاية تحقيق الخير والسعادة، وذلك في سياق نظرة تسعى إلى التأسيس الأنطولوجي لماهية الإنسان تمييزا له عن الحيوان (التصور الأرسطي)، وقد تكون مشروعيتها قائمة على تعاقد يستجيب لإرادة الأفراد في السلم والأمن أو في المساواة والحرية في إطار تصور غايته أن ينزع عن الدولة قداستها الدينية ليضفي عليها طابعا دنيويا – وضعيا (فلسفات العقد الإجتماعي)؛ هذا إضافة إلى التصور الهيجلي الذي تبدو فيه الدولة متعالية عن الفرد والمجتمع تستمد مشروعيتها من ذاتها بوصفها تحقيقا لإرادة كونية تستجيب لعقل كلي مطلق .
المحور الثاني : طبيعـة السلطـة السياسـية
1)أطروحة مونتسكيو.يحدد الفيلسوف مونتسكيو أنواع السلط في الدولة بكونها: السلطة التشريعية – السلطة التنفيذية – السلطة القضائية. و حدد اختصاص كل سلطة على حدة. كما أقر مونتسكيو أن الحرية السياسية تعني إحساس المواطن بأمنه الخاص. و أن هذه الحرية قد تنتفي عندما تجتمع السلطة التشريعية و السلطة القضائية في يد شخص واحد أو في يد هيئة سياسية واحدة، مما سيؤدي إلى صياغة قوانين استبدادية. كما أن عدم انفصال السلطة التشريعية عن السلطة القضائية سيؤدي إلى إصدار قوانين اعتباطية. و إذا ما ارتبط القضاء بالتنفيذ سيتحول القاضي إلى شخص قامع. أما إذا اجتمعت هذه السلطات الثلاث في شخص واحد أو في هيئة واحدة، أو حتى يد الشعب وحده، فإن مصير الدولة و المجتمع هو الضياع.و يشير مونتسكيو بهذا التوزيع للسلط إلى ضرورة تحقيق الديمقراطية من جهة و ضرورة و حيوية فصل السلط من جهة ثانية.
المحور الأول : مشروعيـة الـدولـة وغاياتــها
من المؤكد أن كل دولة تحتاج إلى تبرير وجودها وممارستها للسلطة، وتسعى من ثم إلى تأكيد مشروعيتها بالإستناد إلى دعائم سلالية أو دينية أو اجتماعية...فما الذي يمنح للدولة مشروعية وجودها؟ وما هي الغايات التي تروم تحقيقها؟.
1/موقف جون لوك:
يحدد لوك الدولة بانها جماعة من الناس غايتها الحفاظ على الخيرات المدنية وتنميتها. ويقصد بالخيرات المدنية الحياة والحرية وسلامة البدن وامتلاك الخيرات الخارجية(الأرض، النقود، المنقولات...). لذلك يؤكد انه من واجب الحاكم المدني ان يعمل على تأمين المحافظة على هذه الخيرات لصالح أفراد الشعب، بناء على قوانين يخضع لها الجميع بالتساوي. ومن ثم يكون من الضروري ممارسة القمع على كل من ينتهك قوانين الحياة المدنية، وذلك عن طريق تخويفه من العقاب المتمثل في حرمانه من كل أو بعض الخيرات. يقول لوك: "إن الحاكم المدني مسلح بقوة مكونة من القوة المجتمعية لكل الأفراد، من اجل معاقبة من ينتهكون حق الغير". وهذا يعني أن الحاكم المدني مفوض من طرف جميع مواطني الدولة لحماية أمنهم وممتلكاتهم، وزجر كل من تسول له نفسه المس بسلامة حياتهم.
وعل ضوء هذا التصور يظهر أن لوك يقيم مشروعية الدولة على أساس التعاقد، أي اتفاق الناس على تكوين جماعة واحدة تمثل هيئة واحدة، وهذه الهيئة تلتزم بقرار القوة الغالبة أو موافقة الأكثرية، وتتوخى حماية الخيرات لمدني وتنميتها.
2/موقف اسبينوزا:
بموازاة مع موقف جون لوك، ينفي اسبينوزا أن تكون غاية الدولة إرهاب الناس والتسلط عليهم أو إخضاعهم للآخرين. فهو يؤكد أن غاية الدولة تتمثل في تحرير الفرد من الخوف ليعيش في أمان، بحيث يستطيع التمتع بحقه الطبيعي في الحياة والعمل دون إلحاق الضرر بالغير.إذ أن الدولة تتوخى إتاحة الفرصة للأفراد كي تنجز أجسادهم وظائفها في أمان تام، فيكون بمستطاعهم أن يستعملوا عقولهم بحرية، مع ضرورة التخلي عن القيم السلبية كالحقد والخداع والظلم. وبهذا تكون الغاية الحقيقية للدولة هي ضمان الحرية، لا الحرية المنفلتة من كل قيد، وإنما الحرية المحكومة بمبادئ العقل. فإذا تُرك الناس أحرارا ليسلك كل واحد كما يشاء، فإن مصالحهم ستتصادم وينشب بينهم الصراع، ما دامت أحكامهم مختلفة متضاربة. لذلك فإن تأسيس الدولة يقتضي أن يتنازل الفرد لمن يحكم عن حقه في أن يسلك كما يشاء، وليس عن حقه في التفكير والحكم. فله أن يفكر ويصدر الأحكام بحرية تامة إذا اعتمد على العقل، لا الخداع أو الغضب أو الحقد أو الإخلال بالنظام. ويشكل هذا التنازل شرط السلام إلى حد أن اسبينوزا اعتبر أن الفرد الذي يتصرف كما يشاء دون مراعاة لقوانين الدولة، يعد مصدر ضرر بالنسبة للسلطة العليا، على حين أن المواطن الصالح هو من لا يعارض قوانين الدولة اعتمادا على العنف، وإنما على العقل.
خلاصةكخلاصة، يتبين أن الدولة قد تستمد مبرر وجودها من الطبيعة الإنسانية التي تجنح بالأفراد إلى الإجتماع بغاية تحقيق الخير والسعادة، وذلك في سياق نظرة تسعى إلى التأسيس الأنطولوجي لماهية الإنسان تمييزا له عن الحيوان (التصور الأرسطي)، وقد تكون مشروعيتها قائمة على تعاقد يستجيب لإرادة الأفراد في السلم والأمن أو في المساواة والحرية في إطار تصور غايته أن ينزع عن الدولة قداستها الدينية ليضفي عليها طابعا دنيويا – وضعيا (فلسفات العقد الإجتماعي)؛ هذا إضافة إلى التصور الهيجلي الذي تبدو فيه الدولة متعالية عن الفرد والمجتمع تستمد مشروعيتها من ذاتها بوصفها تحقيقا لإرادة كونية تستجيب لعقل كلي مطلق .
المحور الثاني : طبيعـة السلطـة السياسـية
1)أطروحة مونتسكيو.يحدد الفيلسوف مونتسكيو أنواع السلط في الدولة بكونها: السلطة التشريعية – السلطة التنفيذية – السلطة القضائية. و حدد اختصاص كل سلطة على حدة. كما أقر مونتسكيو أن الحرية السياسية تعني إحساس المواطن بأمنه الخاص. و أن هذه الحرية قد تنتفي عندما تجتمع السلطة التشريعية و السلطة القضائية في يد شخص واحد أو في يد هيئة سياسية واحدة، مما سيؤدي إلى صياغة قوانين استبدادية. كما أن عدم انفصال السلطة التشريعية عن السلطة القضائية سيؤدي إلى إصدار قوانين اعتباطية. و إذا ما ارتبط القضاء بالتنفيذ سيتحول القاضي إلى شخص قامع. أما إذا اجتمعت هذه السلطات الثلاث في شخص واحد أو في هيئة واحدة، أو حتى يد الشعب وحده، فإن مصير الدولة و المجتمع هو الضياع.و يشير مونتسكيو بهذا التوزيع للسلط إلى ضرورة تحقيق الديمقراطية من جهة و ضرورة و حيوية فصل السلط من جهة ثانية.
3)أطروحة ألان طورين. من منظور سوسيولوجي معاصر، يطرح ألان طورين تصورا نقديا لطبيعة السلطة السياسية. فإذا كانت السلطة السياسية تعتمد على سلطة الاستبداد العسكري و سلطة الحزب الكلياني، باعتبارهما سلطة مطلقة، فإن الديمقراطية لا يمكن أن تكون قوية إلا عندما تحترم السلطة السياسية الحقوق المدنية و الحقوق الاجتماعية و الثقافية. و لذا فإن الحصول على سلطة ديمقراطية يجب أن يتجلى في نظام يقوم على فاعلية المؤسسات السياسية التي تعتمد على ثلاث مبادئ و هي: * الاعتراف بالحقوق الأساسية التي ينبغي احترامها. * صفة التمثيل الاجتماعي للقادة و سياساتهم. * الوعي بالمواطنة، أي الانتماء إلى جماعة قائمة على الحق.
III- الدولة بين الحق و العنف.
1)أطروحة ماكس فيبر. يقدم عالم الاجتماع الألماني الدولة كأداة لإدارة المجتمع سياسيا، علما أن الدولة سوسيولوجيا لها مجموعة من المهام. على أن أوضح مهمة تنفرد بها هي ممارستها للعنف الفيزيائي. إذ أن كل دولة إلا و تنبني على القوة كما طرح ذلك "تروتسكي". و يعتبر العنف الفيزيائي حسب ماكس فيبر الوسيلة العادية لممارسة السلطة. كما أن الدولة المعاصرة تطالب بإنجاح و تحقيق سياساتها باحتكار العنف الفيزيائي المشروع. و بهذا تصبح الدولة المصدر الوحيد "للحق" في العنف. و لا يحق لأي تجمع آخر أو أفراد اللجوء إليه إلا بترخيص من الدولة.
2)أطروحة جاكلين روس.تؤكد جاكلين روس على أن دولة الحق أصبحت واقعا معيشا. و لم تعد كيانا مجردا. فدولة الحق تتجلى في الممارسة المعقلنة للسلطة،و تسعى إلى توفير الحريات الفردية و بلورة الحريات العامة.لأن الدولة توجد لخدمة الفرد و حمايته، لأنها تعتبره قيمة مؤسسة. فبدون الفرد لا مجال للحديث عن الدولة. فهي تحتل إذن، مرتبة أدنى بعد الإنسان.لما أصبح يمثله من معيار أسمى. و سلطة دولة الحق تتخذ ملامح ثلاث: القانون-الحق-فصل السلط.
2)أطروحة جاكلين روس.تؤكد جاكلين روس على أن دولة الحق أصبحت واقعا معيشا. و لم تعد كيانا مجردا. فدولة الحق تتجلى في الممارسة المعقلنة للسلطة،و تسعى إلى توفير الحريات الفردية و بلورة الحريات العامة.لأن الدولة توجد لخدمة الفرد و حمايته، لأنها تعتبره قيمة مؤسسة. فبدون الفرد لا مجال للحديث عن الدولة. فهي تحتل إذن، مرتبة أدنى بعد الإنسان.لما أصبح يمثله من معيار أسمى. و سلطة دولة الحق تتخذ ملامح ثلاث: القانون-الحق-فصل السلط.
Aucun commentaire: